وأنتصر الجن

برنامج من برامج التوك شو من فترة كان مستضيفاً دكتورة علم نفس و معالج روحى .. وكان موضوع الحلقة عن الجن والعفاريت، وعلاقتهم بقرية من قرى الصعيد بتولع بيوتها لوحدها بدون سبب واضح !!

سيناريو الحلقه متوقع وبديهى جداً قبل ما اى طرف يبدأ كلامه .. دكتورة علم النفس بتجتهد لسحب الموضوع لساحه التفسير والتحليل العلمى ووضع الموضوع محل دراسة وبحث ..وكان هذا طبعاً مجرد اجتهاداً بائساً منها.

اخونا المعالج نجح فى سحب القضية من قفاها ونازل بيها فى بركة الطين، وأكد ان القرية بتولع بسبب الجن .. وظل وقتاً لا بأس به يسرد انجزاته للبشرية وازاى نجح فى علاج فلان الفلانى من المس وعلاج قريه اخرى من بطش الجن وحرق بيوتها.

كان نفسى كمتابع للحلقة .. أن ينكسر روتين ورتابة النوع ده من الحورات !... يعنى ليه ما يستضيفوش اتنين معالجين روحيين فقط؟
ليه القائمين على البرامج بيستخدموا الاسلوب التصادمى الروتينى ف الحوار !بحيث ان اللى على يمين مقدم البرنامج " رجل العلاج الروحى "وعلى اليسار " دكتوره علم نفس " !!

لماذا لا يتم استضافة اتنين ييتحركوا ف نفس الاتجاه فى قضية منتصرة لطرف معروف مسبقاً .. 

ليه بتشحططوا دكتورة علم نفس او غيرها من مستخدمى المنهج العلمي ومحاولة تطبيقه !!!

ليه بيتم سحبهم من معاملهم ومكاتبهم وعيادتهم !! ... سيبوا اخونا الاطباء والعلماء يدفنهم الزمن وسط معاملهم فى صمت !

الموضوع اترفع فيه كاس النصر والجمهور هلل ورقص وفرح وابتهج .. الماتش منتهى ومفيش داعى اطلاقاً لنصب حلبة مصارعة، يدخل فيها المعالج الروحى على هيئة المصارع " بيج شو " ..لينتصر فى عقر داره وسط هتاف جماهيره على محمد هنيدى وهو لابس بالطو ابيض وماسك ورقة وقلم !

فى ساحتنا الاعلامية الموقرة لا يوجد مكان لهؤلاء العلماء ..

يمكن فقط ان نستضيف عالماً من الطراز الرفيع منفرداً ونشيله على الأكتاف ونسبح بجبروت عقله عندما يتوصل لعلاج فيروسات الكون كله بصباع كفته ضانى ... او بسيخ طرب مميز ناخده ونحبس بعديها باتنين شاى ونتجشأ بالهناء و الشفاء.

مش لازم خالص نصدع دماغنا ودماغ اخوتنا الدكاتره بتوع المنهج العلمى والحاجات اللى مالهاش جمهور دى !!.... ولو حصل وظهروا على شاشات التلفزيون .. فلابد أن نعدل دفة الحوار خوفاً لبعد الشر نميل لرؤيتهم العلمية فقط !

الطبيعى اننا نصدر معالج روحى موقر مع دكتورة علم النفس .. راجل برنس كده يجيب من الاخر و ينور بصيرتها و بصيرتنا ..

وعند اقتراب البرنامج من نهايته، ومع ازدياد سخونة الحوار ... وبعد استقبال مجموعة اتصالات تليفونيه كلها بدون استثناء كانت بتصدق على كلام معالجنا الروحى الجميل .. وفى مشهد لم يخطر بخيالى السينمائى الشاطح .. انا اعتبرته مشهد نهاية العالم ونزول تتر النهاية على وجه البسيطة ..

المعالج الروحى بص للدكتورة وبمنتهى السخريه والتهكم والكبرياء .. مشوحاً بيده قائلاً: 

"بقولك ايه بس بس اسمعى بس .. انتى استحالة تصدقى ولا تقتنعى باللى بقوله .. عارفه ليه؟ .. لانك "تـــااااكتوره" بتاعة علم" !!