دراما وقائع الحروب واثارها لا تنتهى وتظل مصدر الهام الكثير من الكتاب على مر التاريخ و من خلال أسبوع أفلام جوته السينمائى الذى يطلعنا على أحدث اﻷنتاجات السينمائية يطل علينا بأحدى اﻷفلام الألمانية المميزة وهو طائر الفينيق الذى يرصد لنا نتائج الدمار التى تسببت فيه الحرب العالمية الثانية ووحشية المعسكرات النازية ضد المواطنين اليهود القاطنين ألمانيا أنذاك فى أطار قصة خيالية لبطلة تدعى نيللى تعود مع صديقتها لين إلى المانيا بعد أنتهاء الحرب وهى محطمة النفس والجسد لتخضع لعمليات جراحية فى وجهها الذى تشوه فى معسكرات الأعتقال النازية وبعد أن تستعيد نيللى شكلها إلى حد قريب تخرج الى المدينة المدمرة والمهدمة من أثار الحرب لتبحث بين جوانبها عن ذاتها وهويتها الضائعة فى محاولة منها للتغلب على شعورها بالأغتراب فهناك فرق كبير بين الغربة والآغتراب فالغربة هى الحنين للوطن وانت خارج البلاد ولكن الأغتراب هو الشعور بالضياع داخل الوطن و ما أصعب أن تحيا ذلك الشعور فى وطنك وهذا ما كانت تشعر به نيللى بعد عودتها الى برلين فقد وجدت أن أفراد اسرتها ابتلعتهم نيران الحرب ولا يوجد الا زوجها جونى التى تحاول العثور عليه ولكنها سرعان ماتكتشف أن زوجها وحبها الوحيد كان السبب فى دخولها المعتقل فهذا ما قالته لها صديقتها لين وتحاول نيللى البحث وراء تلك الحقيقة وبالفعل تجده زوجها ولكنه لا يستطيع التعرف عليها فقط يلأحظ شبه واضح يحاول الأستفاده منه فيسالها ان تلعب دور زوجته حتى يتمكن من الحصول على ثروتها وتوافق نيللى بدون ان تفصح له عن هويتها حتى تعيد أكتشافه مرة أخرى لتكتشف فى النهاية خيانته وانه قد وقع وثيقة طلقها قبل أن يسلمها للنازيين لينتهى الفيلم بأغنية حزينة تنشدها نيللى لتخرج بلا عوده بعد أن يتأكد جونى ان تلك المرأة هى زوجته من خلال وشم موجود هعلى دراعها
وتعتبر دراما طائر الفينيق للمخرج كريستيان بيزو سينما تتجه نحو السياسة الواقعية و الذى تشغل باله فى معظم أعماله الفنية فقد كتب ذلك الفيلم المؤلف هارون فاروكه معه فى خط درامى واضح ملائم لقواعد العمل الدرامى من بداية ووسط ونهاية فيبدا الفيلم بوصول نيللى وهى مشوهه تماما لنتعايش معاها رجله علاجها والبحث عن زوجها وصولا لذروة الآحداث وأكتشاف البطله لحقيقة سبب ماحدث لها وتعتبر تلك الحبكة الدرامية لذلك العمل مستوحاه من فيلم عوده الرماد الذى تم انتاجه عام 1965 وفيه ايضا يتحدث عن الغزو النازى لفرنسا بشخصيات مختلفة ولكن المخرج كريستسان عالج تلك الحبكة بشكل درامى يلائم وقوع الاحداث فى برلين
وعن الآخراج فى الفيلم فصور المخرج الشوارع المهدمة والآنقاض بصورة طبيعية وواقعية للغاية فقد عاد بنا من خلال كاميرته لتلك الآجواء القديمة مستخدما أضاءة صفراء خافتة فى معظم المشاهد لتشعر المتفرج بكأبة الآجواء وبحال البيوت فى وقت الحرب
كما نجد أن أداء الممثلين وأنفعلاتهم كانت جامده الملامح وكأنهم فى تحدى مع تلك الظروف القاسية وخاصة البطلة نيللى والتى لعبت دورها الفنانة نانا هوس فلا مجال للصريخ ولا مجال للبكاء الهيستريا رغم أن هناك مشاهد كثيرة تتطلب ذلك مثل مشهد الذى كانت تقص لزوجها كيف كانوا يعذبون المعتقليين بدون ملابس
أو مشهد أنتحار صديقتها لين وأكتشفها وثيقة طلقها فكلا هذا كانت البطلة تستقبلة فى انفعال داخلى وبهدوء ولكن أحساسها كان صادق يستطيع المتفرج تصديقة و ان يتعاطف معها
وعن اﻷداء التمثيلى للفنان رونالد الذى يلعب دور الزوج جونى فكانت أيمائته الجسدية وتعبيرات وجه توحى بالحيرة وخاصة عندما قابل نيللى زوجته فقد كان يقاوم اﻻعتراف بأن زوجته مازلت على قيد الحياة كما كانت تعبيرات عينية ايضا نافذه لتصوير عما بداخله ببراعة شديدة فتكشف للمتفرج عن صراعه فى حب زوجته وتعذيب الضمير وكأنه يريد الهرب من فعلته بتسليمها للنازيين
وعن الموسيقى والغناء فلعبت دور هام فى تدعيم ألاحداث بل كان لها دور البطولة ايضا فى الكشف عن شخصية نيللى الحقيقة فى أخر مشهد عندما قامت بأداء أغنية وكشفت بها عن شخصيتها الحقيقة امام زوجها
أما عن الآيقاع فى الفيلم فقد كان بطئ وفى بعض الآحيان يشعر المتفرج بالرتابة والملل رغم أن زمن الفيلم قليل
و يجدر بنا ألاشارة الى اسم الفيلم طائر الفينيقو هو اختيار موفق حيث يرمز الى بطلة الفيلم فطائر الفينيق هو طائر أسطورى عملاق طويل الرقبة ذو جناح جبار يعيش عمرا طويلا وعندما يقترب منه الموت وتأتى نهايته المحتومة إمام قرص الشمس يحتضن عشه فى هدوء ويرتل أغنيته الحزينه حتى يعجز عن الحركة ويحترق متحوﻵ لرماد ومن ذلك اﻷحتراق تخرج يرقة صغيرة من بين أشلائة وتدب فيها الحياة مرة أخرى ليصبح طائر فينيق جديد قادر على مواجه الحياة ولهذا أختار المخرج كريستيان بيزولد مع المؤلف هارون فاروكة لبطلة فيلمهم نيللى هذا التشبيه
وفى النهاية يعتبرالفيلم من اﻻعمال المميزة التى حقق نجاحا كبير فى كثير من المهرجات والذى يطلع المشاهد على اجواء حقبة زمنية شديدة الصعوبة .
-------------------
سوزان نادى
الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015
طائر الفينيق والبحث عن الذات
Posted on 8:54 م by rozeta447
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق