الثلاثاء، 17 مارس 2015

لو كنت فى الحلم


الساعة السادسة صباحاً دقت رنة الآستيقاظ على موسيقى أهواك لعبد الحليم حافظ ... نهضت من فراشى مسرعة وأرتديت بنطلونى الجينز والبلوزة الكاروهات لكى إذهب الى الجريدة التى أعمل بها ... فقد أنتهت الأجازة وحان وقت العمل.
نزلت من البيت كل شئ حولى كان غريباً اليوم، فالشارع أمتلأ بالآشجار مصطفة على الجانبين أمام البيوت، الطرقات متساوية ... لم تعد رجلى تتلوى يميناً ويساراً وكأننى أسير على الحبل فى السيرك، بسبب الحصى والزلط المتبعثر فيها.
قلت فى نفسى متى حدثت كل تلك الأشياء ؟!
قررت أن أبدل بعد ذلك الكوتشى الذى أرتديه ليلاً ونهاراً بحذاء ذو كعب عالي، ينم عن أنوثتى  .. وبينما أفكر متعجبة خطفت أنظارى سيدات وأنسات يرتدين الجونلات القصيرة والكعوب العالية، يتمايلن فى خفة ورشاقة ودلع، حاملين  فى أيديهن حقائب صغيرة،شعرهن منمق متموج كموج البحر.
الرجال أيضا ماذا حدث لهم اليوم ؟!!
يرتدون البدل المنمقة ذات الوردة البيضاء على الشمال أو الكوفيه المربوطة باناقة مثل رابطة العنق حول أعناقهم ... شعورهم معتنى بها بطريقة جيدة ووجوههم ملساء تنم عن حلاقة جيدة فى الصباح.
روائح العطور تملأ الشوارع، أصعد إلى الآتوبيس حائرة، أجلس فى المقعد الأخير أستمع إلى حوار يدور بين صديقتين فى المقعد الذى أمامى عن رأى توفيق الحكيم فى المرأة،
تقول إحداهن للأخرى: "انا  أحب كتاباته ولكنه يهاجم المراة بطريقة شرسة، فقررت ألا أقرأ له ثانيةً فقد أصبح عدوى بجدارة. تقول لها الأخرى: انا لا اعترف بذلك، فإذا أعطاها تلك المكانة فى كل كتابته أذا هى تشغله، العكس صحيح ... فهو معجب بها وهى تمثل بالنسبة له لغزاً عويصاً.
أنظر إلى النافذة فى اندهاش مما سمعت !! مابال الناس يتحدثون فى الثقافة والآدب!أرى أفيشات أفلام رشدى اباظة ونادية لطفى على الجدران .. حتى الآفيشات تغيرت !!
أصل الى الجريده وترن فى أذنى من بعيد أغنية ياصباح الخير ياللى معانا للسيدة أم كلثوم، أتصفح الجريدة الموجودة على مكتبى وأرى فى الصفحة الآولى عمودا كبيرا للكاتب يوسف أدريس !!
رنة المنبة على أغنية أهواك واتمنى لو انساك لعبد الحليم تقطع حلمى الجميل ... تخترق أذنى كلمات امى وهى تقول: يلا الشغل .. الشغل .. هتتأخرى؟
لست أدرى إين انا .. لحظات استجمع خلالها قوى عقلى وأدراكى ..
أنهض من على فراشى أرتدى بنطلونى الجينز والبلوزة الكروهات .. أنزل من بيتى .. تلتوى رجلى يمينأً ويسارأ بسبب الحصى والزلط المتبعثر فى الطريق.. لا توجد الأشجار التى رأيتها فى الحلم .. فى نهاية الشارع فقط توجد شجرة واحدة على وشك الموت.
تخطف  أنظارى كأئنات اشبة بالسيدات، يرتدين ثوباً أسوداً طويلاً به لمعة ومزخرف كثيرا، لا ينُم عن الجمال مطلقاً... يغطىن الرأس والجسد كله ...فى أرجلهن حذاء يزحفن به فلا ترتفع قدمهن من على الارض ايداً، بل تجُر محدثة صوتاً مزعجاً.
الشباب يرتدون التيشرتات والجينز، أجسامهم هزيلة ونحيفة، تكاد ألا ترى وجوه معظمهم، حيث يدور حولها هالة من الذقن الكثيفة، عيونهم حمراء غائرة، ينعدم تركيزهم ويسيرون كالسكارى ... يترنحون فى الصباح  وفى المساء ... يتمتمون بكلمات غاشمة أذا ماعبرت أمامهم كائنات مؤنثة.
أصعد الى الأتوبيس أستمع الى صديقتين يجلسن فى المقعد الذى أمامى،
تقول احداهن للأخرى: العطور حرام حرام، دى رجس من عمل الشيطان .. رائحتك حلوة اذا ستثيرى الفتنة.
ترد صديقتها  متمتمة: اه والله  صح .. عندك حق.
أنظر من النافذه فى اشمئزاز .. لافتات  الإعلانات تملأ الشواعر واغلبها برامج مسابقات واكتشاف مواهب.
أصل الى الجريدة واستمع لصوت يهز أركان الشارع، أغنية أديك فى السقف تمَحّر >>
أتصفح الجريدة فى حزن ..
أتمنى لو كنت  فى الحلم.
سوزان نادى

0 التعليقات:

إرسال تعليق