أحيانا يظهر القدر بشائر المستقبل لﻷنسان ولكنه لايعى ولا ينتبه لذلك إلا بعد مرور السنين فقد كان حلم محمد خان منذ صغره إن يصبح مهندسا معماريا ولكن للرغبة شئ ولمعرفة الله بقدرات ومواهب الأنسان شئ أخر والتى فى النهاية ترجح كافتها بالفوز ويتجه نحوها الشخص من تلقاء نفسه .
ففى منزل يحيط به مجموعة من دور العرض السينمائية تربى خان وبدأ رحلته فى عالم السينما متفرجا عاديا منبهر بالممثلين والشاشات لا يفقه عن كواليس ماخلف الشاشة شيئا من أنتاج وأخراج وديكور وكتابه حتى حان وقت سفره إلى أنجلترليدرس الهندسة وبالصدفة تعرف على صديق يقطن معه فى العمارة يدرس السينما وعلى الفور قام بتغير مساره التعليمى ليلتحق بمعهد السينما فى انجلترا ليكتشف عالم أخر عالم ساحر ملئ باﻷسرار .
هذا الفتى الذى ولد ﻷب بنجابى فى الهند لا تمت له أى علاقة بمصر بل جاء اليها صدفة بعد ان فشل فى دراسة الطب وكأن القدر قذف بذلك اﻷب إلى هنا لينجب لنا أعظم مخرج عرفته السينما الواقعية
فيعتبر المخرج محمد خان أقوى من سجل فى أفلامه شوارع مصر وطرقاتها وكأنه يحفظ لﻻجيال القادمة صور حيه ينبض بها الشارع المصرى فى تلك الاوقات فلامجال للديكورات والمبانى والشوارع المزيفة فالسينما تأتى من الواقع وللواقع تعود كما أن لشخوص أعماله الفنية التى يجتزها من الواقع وما تخفيه من معانى إنسانية النصيب اﻷكبر الذى يشغل باله دوما.
ففى أحدى لقائته التلفزيونية قال أن معظم ماقدمة للسينما من أفلام لم تكن مضمونها من كتاب او رواية قرئها فى أحدى الايام وأستثارت فكره بل من شخصية حيه وحقيقية قد رأها بعينيه جعلته يبنى من أجلها قصة وحبكة درامية ليصور فيها ماتخفية تلك الشخصية من معاناة او ليناقش من خلالها معنى ما .
ففى فيلم زوجة رجل مهم وهو أحدى اﻷفلام المهمة فى تاريخ السينما المصرية ناقش خان معنى السلطة الغاشمة والظلم الذى يدمر النفس اوﻷ ويدمر الضعيف ولا يبالى بأحد وفكرة هذا الفيلم جاءت من الواقع عندما تعرض محمد خان لحادث تصادم بسيارته مع شخص أخر وأكتشف بعد أن نزل من سيارته أن هذا الشخص ماهو إلا ظابط شرطة حاول ظلمه والتعدى عليه وركله بقوة وعنف فى صدره لكن خان ذهب إلى قسم البوليس ليحرر محضر بتلك الواقعة وﻷن تربطه معارف كثيرة فى الداخلية وماشابه كان هذا الظابط سيفصل من عمله حتى تتدخل الوسطاء للصلح فعفا خان عنه ولكن تلك الشخصية بجبروتها أضاءت ذهنه بفكره وتسأل كيف لو كان من نصيب ذلك الظابط أن يقابل شخص ضعيف ليس له أحد ومن هنا جاءت فكره فيلم زوجة رجل مهم ليناقش فيه جبروت السلطة والظلم الذى يصيب البعض وقد لعب هذا الدور ببراعة أحمد ذكى الذى صور فيه الشخصية بجميع مراحلها بداية من القوة حتى الهزيمة والضعف.
وللحب نصيب كبير أيضا فى قلب محمد خان فقدم هذا المعنى اﻷنسانى الرائع من خلال شخصيات عديدة فى أفلامه وكان فيلم فى شقة مصر الجديدة واحدا من أهم ماقدم فى السينما الحديثة ناقش فيه مفهوم الحب بصورة فائقة اﻷنسانية و الجمال و الفيلم من بطوله غاده عادل التى لعبت دور فتاة صعيدية بسيطة تبحث عن الحب حتى تركت بلدها لتبحث عن معملتها تهانى رمز الحب والتى كانت دائما ماتحدتهم عنه فى رسائلها وأن الحب موجود دائما ولكن عليهم البحث عنه ،ومن خلال رؤية المخرج فى أداء الممثلين وحركة الكاميرا وتصوير الشخصيات وترتيب المشاهد واﻷحداث فى شوارع حيه حقيقية تنعم بالحياة جعل من هذا الفيلم لحن جميل عن الحب لا ينسى قط من ذاكرة السينما على مر السنين .
ونذكر فيلم موعد على العشاء بطولة أحمد ذكى وسعاد حسنى وحسين فهمى الذى فيه أقتحم نفس المرأة المقهورة بكل تفاصيلها ومعانتها ليصور لنا صراعتها المريره وعذابتها اذا ما كانت تحى مع رجل غليظ القلب والفكر لايعرف معنى الحب ولا يبالى بمشاعرها وعواطفها فقط كل ما يريده أن يمتلكها لتنهى مأساتها تلك بموعد على العشاء مسموم معه .
وهناك الكثير من اﻷفلام الذى كشف فيها عن النفس الانسانية بكل تفاصيلها ومعانتها وصراعتها فيعتبر المخرج محمد خان أفضل من يهتم ببناء الشخصية وتتطورها لذلك جميع شخصياته تأتى صادقة وحقيقية ونذكر فى أخر كلماته قبل إن يرحل عن عالمنا قال لقد قدمت للسينما ثلاثه وعشرون فيلما و كنت أتمنى أن أصنع للسينما ثلاثون فيلما ولكن ليس هناك وقت
ترك محمد خان للسينما حقا ثلاثة وعشرون فيلما ولكنها سينما مختلفة لها مذاق وطعم خاص تنبض بالحياة دوما على الشاشة ويتذكرها الجميع.
سوزان نادى
الخميس، 28 يوليو 2016
محمد خان نبض السينما المصرية
Posted on 10:00 ص by rozeta447
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق