فى مسرحية الطعام لكل فم وهى رائعة من روائع مؤلفات توفيق الحكيم يحكى فيها عن رجل يدعى حمدى وزوجته سميرة يقطنان فى بيت بسيط
حمدى يعمل موظف فى عمل حكومى روتينى
و يحب أن يذهب إلى لعب الطاولة مع أصدقائه على المقهى بعد أنتهاء ساعات العمل
وسميرة تنشغل معظم الوقت فى أعمال المنزل ولا جديد فى حياتهم وإذا فجاءة وحمدى يجلس فى الصالة يرى الحائط وقد ظهر عليه بقعة نشع كبيرة قد تسببت فيها جارتهم عطيات التى تسكن فوقهم فعندما قامت بغسل شقتها وكبت الماء والصابون لتنظيف بلاط الصالة تأثر حائط منزل حمدى وسميرة ووصلت مياه التنظيف إليهم مما تسبب فى هذا النشع القوى ..
وبعد مناقشات حادة مع الجارة عطيات وأنه وجب عليها تصليح ماتسببت فيه من تلف وخسارة لحائطهم ترفض عطيات ولكن فى النهاية وبعد تهديد حمدى لها بأنه سيوصل الأمر للقضاء ترضخ لمطالبهم وينتهى النقاش بالموافقة وأنها سترسل لهم مبيض المحارة للتصليح ..
وأثناء ذلك وهم ينتظرون الرجل الذى سيصلح الحائط يلاحظ حمدى وسميرة شئ غريب فقد تركت ماء النشع بعد أن جفت على الحائط أثر أدى إلى ظهور أشكال غريبة أمامهم فيجلسون مدقيين لترجمة تلك الصور و الأشكال ويتضح أن هناك شكل لفتاة تجلس على بيانو كبير يشبة البيانو الموجود فى منزلهم وخلف البيانو تقف سيده كبيرة ولكنها عابسة الوجه وأمامهم يجلس شاب وسيم على أريكة وهو منهمك فى بعض الأوراق كل هذا يظهر من خلال أثر النشع وكأن الحائط تحول فى بضع دقائق إلى شاشة عرض سينمائية! ف
يتعجبون من وضوح الصورة بهذه الدقة ثم ما لا يلبث أن يمر بضع دقائق أخرى حتى يسمعون لحن جميل وحزين فينظرون إلى بعضهم البعض فى أندهاش من إين جاء صوت هذا اللحن. و يظنون أنه صوت الراديو أتى من عند الجيران ولكنهم يكتشفون أنه صوت البيانو المرسوم على الحائط وأن الفتاة هى التى تعزف فيتعجبون مما يرو ومما يسمعوا
ما هذا الذى يحدث أمامهم ثم تبدأ الشخصيات فى التحدث فبينهم حدوتة وحوار
وفضول حمدى وسميرة لمعرفة من هم هؤلاء الأشخاص وماهى علاقتهم بعضهم البعض فضول قاتل فيجلسون ﻷستماع تلك الشخصيات وهى تتحدث مع بعضها ويتتضح من الحوار أن الفتاة والشاب أخوات وأن تلك المرأة هى والدتهم و هذا الشاب المنهمك فى أوراق كثيرة أمامه يتضح أنه عالم وباحث قد جاء بغرض هدف كبير يريد تحقيقه وهو كيف يصبح الطعام متوفر بالمجان كيف بعد أن وصل الأنسان إلى القمر وحقق نجاحات عديدة فى مجالات عده لم يصل حتى الأن إلى القضاء على مشكلة الجوع لذلك يبذل كل
جهده العلمى لتحقيق هذا الحلم و تناقشه أخته فى أفكاره فيوضح لها أهميه هذا البحث فى القضاء على تلك الأفة وينذهل حمدى وسميرة من هذا الكلام الجديد على أذهانهم فتنهمر أفكار كثيرة فى رؤسهم ويتجدد الطموح لديهم وكأن ما ظهر لهم على الحائط يبعث برسالة إليهم بأن الحياة ليست عمل روتينى من أجل الطعام العمل لابد أن يكون بناء للفكر والمستقبل والكيان والطعام ﻻبد أن يتوافر كالهواء لﻷنسان حتى يتفرغ لبناء عقلة لا يكن كل هدفة ملئ بطنه، هذا مادعى إلية توفيق الحكيم على لسان شخصياته فى تلك المسرحية فالطعام لابد أن يكون لكل فم وبأبسط الطرق ولﻷسف فى تلك اﻷيام يحدث شئ محزن للغاية عكس مادعى إليه أو ماكان يحلم به توفيق الحكيم فى تلك المسرحية فجميع برامج التوك شو وجميع حوارات الناس فى الشارع لا تخلو من الطعام والبحث عن الطعام وغلو الطعام.. يوم أزمة الدواجن ..ويوم أزمة اللحوم.. ويوم أزمة السكر وختامها إلغاء الدعم عن الطعام
..الطعام الذى لابد أن يتوافر كالهواء لﻷنسان حتى يصبح أكثر رقيا من الحيوان فاذا تأملت الحيوان تجده يبحث طيله اليوم عن الوسيلة التى يحقق بها أشباع غرائزه لا أكثر وأذا كان الأنسان يعمل فقط ويكب كل جهده فى العمل من أجل أشباع غريزة الجوع فما فائده عقله الذى سيذوب حتما من اﻷنهاك فقط فى البحث عن لقمة العيش فالعمل لابد أن يكون هدفه أسمى من ذلك وهو تحقيق انجازات عديدة لسعاده الأنسان وبناء الوطن أى أنه يتخطى فكرة أشباع جوعه ليشعر الأنسان بعد ذلك بالحرية فيما يقدم من جهد وهذا ماأشار اليه الحكيم فوضح بعبقرية النتائج المذهلة للقضاء على الجوع فى العالم كله وهى شعور الأنسان بالحرية فالجوع يعنى العبودية يعنى أن هناك طرف أخر يقهرك حتى يطعمك وهذا سجن على الأنسان أن يخترع شيئا للقضاء عليه واذا تحقق هذا الأنجاز تحقت أشياء كثيرة بالتبعية من أهمها وأولها اﻷنسانية .
سوزان نادى
0 التعليقات:
إرسال تعليق